دفاعا عن حكامنا

Publié le par httpslam


مالي أكتب كتابي هذا و أنا المعرض عن السياسة و عن أهلها؟

 

و لكنها الغيرة على أقوام مسلمين انتهكت أعراضهم. و هي الحمية و الذوذ عن فئة من المسلمين أوذوا من طرف إخوانهم إيذاء شديدا.

 

أتدري من هؤلاء؟

 

هم رؤساؤنا. هم ملوكنا. هم أمراؤنا. هم حكامنا.

 

نعم، نحن. نحن العرب. نحن المسلمين.

 

أراك تنظر إلي في استهجان، ثم في ازدراء. كأنك تدرك أخيرا أني من المداهنين و المنافقين.

 

أما كوني من المنافقين، فهذا ظني بنفسي و لله الحمد...

 

لكني أتكلم الساعة عن موقف محايد. كيف لا و هويتي مجهولة لحد الساعة؟ فأي ربح أكسب بمدح هذا المسؤول أو ذاك؟؟

 

إنما هي النصيحة. و لعلي أخطئ فلا تحرمني أخي من نصيحتك.

 

 

لماذا إذن؟

 

لماذا هؤلاء المسؤولون أخيار؟

 

مهلا. لم أقل البتة أنهم من الأخيار. كل ما في الأمر أنني أحاول أن أدفع عنهم كثيرا من التهم التي تلصق بهم.

 

فمثلا : هنالك من المسلمين من يكفر هؤلاء الأمراء.

 

ويحهم. أما علموا أن رسولنا صلى الله عليه و سلم قد أخبر أن كلمة التكفير تخرج من قائلها، فإن أصابت هدفها و إلا رجعت؟

 

و بالتالي، أخي التكفيري، إن استطعت أن تقسم بالله ثلاثا أن الأمير فلاني كافر، فقد استرحت. لكن أعد عندئذ جوابك حول هذه الثقة العجيبة، ليوم الحساب.

و أما إن أحجمت، فاتق الله و اعلم أنك تغامر بنفسك.

 

بيد أن من دون أولئك أقواما لا يكفرون أمراءهم، و إنما يظنون بهم الظنون.

و هذه هي الشريحة الواسعة من الناس. لسان حالهم أن الأمير الفلاني غير أمين، أو أنه قد خان قضايا الأمة، أو أنه يبيع بلاده للأجنبي، أو أنه منغمس في الشهوات، أو أو....

كل منا قد خطرت بباله خاطرة من هذا، و لو لمرة واحدة في حياته. ثم انتقلنا للتحدث عنها في مجالسنا الخاصة...

 

مهلا مهلا، أليست هذه غيبة؟

ستقول : كلا، و إنما هي من باب التنبيه عن أغلاط الفاجر المجاهر بفجوره, و قد أجاز العلماء ذلك.

حسنا، و ما أدراك أنه فاجر؟ ألم يقل ربنا : "اجتنبوا كثيرا من الظن، إن بعض الظن إثم"

ثم إنك تقول ما تقول و أنت جالس في المقهى أو أمام التلفاز. و ما أدراك بحجم الضغوط التي يتعرض لها الأمير الفلاني؟ ربما لو كنت مكانه –و أنت التقي العفيف- لفعلت ما هو أعظم.

 

ستتنحتح و تقول : كأني بك تحرم علينا السياسة

 

غير صحيح. لكني أخشى أن أغلب من دخل السياسة لابد و أن يقع في أعراض الآخرين، و بخاصة المسؤولين. ثم يأتي و يدعي حسن النية و الذوذ عن مصلحة المسلمين، و المسكين لا يدري أن الشيطان محيط به من كل جانب.

إن كنت تريد مصلحة المسلمين، فصن عملك، ثم لسانك، ثم قلبك عن سوء الظن بالآخرين.

 

ليت شعري، هل أعددت جوابا لربك يوم تلقاه وحدك؟ عندما يسألك عن غيبتك للأمير الفلاني، ماذا ستجيب؟

 

هل تضمن أن تجيب الجواب السليم؟ مالك إذن و هذه التعقيدات؟؟ ليتك لزمت الصمت و سلمت.

 

 

و في الختام أكرر : ليست هذه دعوة لترك السياسة. و من ينهى عن المنكر إن سكت كل الصالحين؟

 

لكنه تذكير للفرد لكي يستحضر وقوفه بين يدي ربه وحيدا و هو يخوض غمارها. هي دعوة لتغليب جانب حسن الظن و سلامة الصدر، و إن فسد الآخر.

 

ما أظن الأمة بحاجة لسياسيين ينقذونها من الفقر و الفساد بقدر ما هي بحاجة لمن يحيون معاني الحب و الخلق الحسن بين الناس. هذه هي الحاجة الحقيقة التي عدها الناس –لندرتها- من الخيال البحت.

 

و نقطة أخيرة هامة جدا :

 

لماذا لا يفترض علماؤنا الخير في حكامهم؟

 

هؤلاء الحكام هم بشر، ثم هم مسلمون. و هم يتأثرون بالنصيحة كما يتأثر بها المسلم العامي. لكن لعله الخوف على منصبه هو الذي يجعله يرفض النصيحة.

 

و هذا يطرح سؤالا : ألا يوجد عالم مسلم يستطيع أن يشعر الحاكم في بلده بالأمان؟ ألا يوجد عالم يثق الحاكم بأنه يريد مصلحته و لا يريد أن يأخذ كرسيه؟ إن وجد لحلت كثير من مشاكلنا دون أن نحتاج إلى أحزاب للمعارضة.

 

و بذلك نكون قد أحيينا سمت علماء زهاد فيما مضى كانوا موالين لحكامهم، لكن على أساس النصيحة.

 

و الله أعلم. و إني أشهدكم أنه لا باع لي في العلم، و إنما هو الرأي و هواجس النفس. فإن أخطأت فقوموني.

 


Publié dans Actualités

Pour être informé des derniers articles, inscrivez vous :
Commenter cet article